زياره أهلي

قصص

“زياره اهلي”

أنا عايشة مع جوزي في بلد مختلف بعيد عن أهلي، ومشفتهمش بقالى أكتر من سنة. أهلي (أمي 61 سنة وأبويا 63 سنة) عرضوا إنهم يزوروني، كنت فرحانة جدًا. هم جايين من بدايات بسيطة في بلد من دول العالم الثالث، ودي كانت أول مرة يسافروا دوليًا، فحاولت أضمن إن كل حاجة تكون مثالية وأمورهم تمشي تمام.

قعدوا عندنا حوالي شهر في البيت. كان ليهم سريرهم وحمامهم الخاص، ورتبت كل حاجاتهم، و ورغم إننا مش أغنياء قوي ، بس أنا وجوزي حاولنا نوفر لهم كل حاجة علشان ميصرفوش فلوسهم هنا، خصوصًا إن العملة هنا أغلى 5 مرات من عندهم.

بالنسبة لعادات الأكل بتاعتنا، أنا وجوزي عندنا مواعيد وأنظمة غذائية مختلفة، فعمرنا ما بناكل مع بعض. لما حد فينا بيجوع، بيروح المطبخ ويعمل طبق لنفسه (إحنا بنشتغل من البيت). شرحت ده لأهلي، وقلت لهم المطبخ بتاعكم استخدموا اللي أنتم عايزينه واطبخوا وقت ما تحبوا.

بمرور الوقت، لاحظنا إنهم مش بيأكلوا كتير، فسألتهم عايزين إيه من السوبر ماركت علشان أشتريه. قالوا لي كل حاجة تمام، وإنهم فعلًا بيأكلوا وأنا بشتغل. أمي بطبعها بتاكل وجبات خفيفة، فافتكرت إن دي طريقتها في الأكل (أنا مش عايشة معاهم من أكتر من 10 سنين فمش عارفة عاداتهم كويس).

على أي حال، جوزي أخذ بابا معاه السوبر ماركت وقاله “هات اللي أنت عايزه”. بابا جاب حاجات قليلة قوي. الوضع ده فضل مستمر تقريبًا طول الشهر. وكل مرة أسألهم يقولوا كل حاجة تمام. في مرحلة معينة، بقيت باخدهم للعشا كل يوم بعد الشغل، وده حرفيًا كلفني كتير جدًا، بس على الأقل كنت بشوفهم بياكلوا.

أهلي سابونا من كام يوم ورجعوا بلدهم وقالوا إنهم استمتعوا جدًا وإنهم قضوا وقت لطيف……..

اتفاجئت إن أختي (40 سنة) كلمتني النهارده وزعقت لي، بتقول إن أهلي بيشتكوا إن مكنش في أكل كفاية. وإنهم مكنوش قادرين ياكلوا من الأكل اللي كان في التلاجة لأنه بتاعنا، وإنهم اضطروا يروحوا ماركت قريب يشتروا أكل لنفسهم وصرفوا فلوس كتير.

مكنتش مصدقة اللي بسمعه.

حاسه إن اتخدعت تمامًا. كنت فاكرة إنهم بيطبخوا أكلهم، ولو في حاجة ناقصة كانوا هيقولولي أشتريها. صدقت كلامهم لما قالوا إن كل حاجة تمام وإنهم بياكلوا.

أختي بتقول كان لازم أخد بالي منهم أكثر ، وإني اتصرفت كأني مش مهتمة.

دلوقتي حاسة بالذنب، وبفكر إن أهلي كانوا تعبانين وجعانين طول الفترة اللي كانوا فيها هنا، وأنا كنت فاكرة إنهم تمام.

مش عايزة أتكلم في الموضوع ده مع جوزي، لأنه هيضايق جدًا. هو كان فعلاً بيحاول يعمل كل اللي يقدر عليه علشان يخلي أهلي مبسوطين. هل أنا فعلاً غلطانة؟ كان ممكن أعمل إيه أكتر؟ دماغي مشوشة دلوقتي، آسفة على الرسالة الطويلة………

🌹رداً علي الاسئله:

🌿هل شفتيهم وهما بيروحوا السوبر ماركت؟

أيوة، الفكرة إن بابا بيدخن، فكنت فاكرة إنه بيخرج يشتري سجاير. فيه كمان حديقة قريبة، و ماما كانت بتقول إنها بتحب تتمشى هناك، فافتكرت إن ده اللي كانوا بيعملوه.

🌿أظن لازم تتكلمي معاهم في أسرع وقت وتسأليهم عن السبب

حاولت ، بس محدش رد على مكالماتي. شكلهم زعلانين مني قوي

🌿 يعني مأكلتوش مع بعض في البيت خالص لمدة شهر؟

لا، أكلنا مع بعض كام مرة، غالبًا في الويك إند لما بيبقى عندي وقت أعمل حاجة. المشكلة كانت في أيام الشغل، علشان معنديش وقت كفاية أطبخ، خصوصًا الغدا.

🌿افتكرت حاجة دلوقتي، انتي بتقولي إن أهلك جايين من بلد تانية. هل الأكل في بيتك مختلف جدًا؟ أو أدوات المطبخ زي الحلل، الطاسة، الفرن؟

لا خالص، تقريبًا نفس الحاجة، وهم كانوا عارفين يستخدموا البوتاجاز، الميكروويف، وحتى علمتهم إزاي يستخدموا القلاية الهوائيه.

🌿هل سألتيهم إذا كانوا بيأكلوا؟

سألتهم، وكانوا بيأكدوا لي إنهم أكلوا كذا (ساندويتش، بيض، مكرونة) وكانوا بيقولوا إنهم نضفوا المطبخ قبل ما أشوفه.

🌹#تحديث

قدرت أكلم ماما، وهي أكتر حد عاقل في العيلة، وسألتها ليه أختي اتنرفزت كده؟؟؟

كلامكم كان صح، أختي الي كبرت الموضوع. لكن برضه، أهلي، خصوصًا بابا ، عندهم إحساس قوي بالنقص، وأنا كنت عارفة ده بس مكنتش متوقعة إن ده اصل المشكله.

باختصار، ماما قالت إن بابا كان حاسس إنه مش مستحق أي حاجة كنا بنعملها لهم، وعلشان كده كان بيختار الأكل السريع بدل الأكل الكويس اللي وفرناه.

بابا عنده عادة سيئة إنه بيشتكي من كل حاجة. إحنا وديناهم يشوفوا واحدة من عجائب الدنيا السبعة، دفعنا فلوس كتير في فندق فخم، وأول تعليق منه كان “الساعة اللي على الحيطة مكسورة”. بحس إن مفيش حاجة أقدر أعملها هتكون كفاية، مش هيشوف دايمًا غير الحاجة السلبية.

بابا للأسف طول حياته بيكره نفسه، هو وزنه زايد جدًا، و بيدخن، لاحظت إنه كان بيدخن كتير أكتر مما كنت فاكرة، أظن إن ده كان طريقته في التعامل مع أي مشاعره غريبه عليه شكله مكنش مصدق إنه هيقدر يسافر بره.

أختي سمعت شكوي بابا و افتكرت إني عملت حاجة خليت بابا يحس كده وإني أساءت معاملتهم.

مفيش حاجة من ده حقيقي. أنا كنت فرحانة جدًا إن أهلي عندي ومش مكسوفة منهم بأي شكل، كنت فخورة إني عرفتهم على صحابي الأمريكان، وكل الناس كانت بتحاول تخليهم يحسوا بالترحاب. عملت كل حاجة ممكن أعملها.

أنا مش غنية، لكن بحوش فلوسي كويس، فعايشة حياة مريحة. ده مش معناه إني أقدر أبطل شغل بكرة، أنا مش مليونيرة. لكن المشكلة مش عندي، المشكلة في إحساس أهلي الداخلي. بحس كأني بتعاقب عشان خرجت من الفقر، وهم اختاروا يبعدوا عني، كأني بقيت غريبة.

فاللي حصل مكنش بخصوص الأكل، كان بخصوص أبويا وإحساسه الشديد بالدونية، اللي منعه من إنه يستمتع بوقته ويتواصل معايا ومع جوزي في بيتي وحياتي الجديدة.

ماما اعتذرت نيابة عن أختي، وقالت إنها كانت مخططة تتكلم معايا وندمت إنها ماعملتش كده بسبب الطريقة اللي أختي اتكلمت بيها عن الموضوع وانها وصلت الكلام بطريقه غلط.

مش عارفة أهضم كل ده إزاي، بس آه، أظن عندي جلسات علاج نفسي جاية. على أي حال، شكرًا.

🌿انتهت الرسالة الاولي.

🌹رساله جديده🌹

أنا ومراتي اتجوزنا الصيف اللي فات. عيلتها ساكنة في آخر البلد بعيد عننا، فبصراحة مكنتش زرتهم قبل كده، أنا قابلتهم كام مرة وكان دايماً في بينا تفاهم كويس.

هم عزّمونا نزورهم ونقعد عندهم كام يوم، وقررنا نقبل العرض.

سافرنا امبارح وكل حاجة كانت تمام – أنا وأبوها اتفرجنا على الكورة ومراتي كانت قاعده مع مامتها وأخواتها، وبعد كده اتعشينا عشا جميل.

لكن الأمور اتقلبت في آخر الليل لما اكتشفنا إنهم مش عايزني أنام مع مراتي في نفس الغرفه، وإنهم متوقعين إني أنام على الكنبة !!!

في الأول افتكرت إنهم بيهزروا، بس أصروا إننا ننام منفصلين. أنا بصراحة حسيت إن ده مش منطقي، وكمان أنا عندي مشاكل في ضهري والكنبة شكلها كان مش مريح تمامًا (وما عندهمش أوضة ضيوف).

بعد شوية شد وجذب، قررت إني أمشي وأحجز أوضة في فندق. قلت لمراتي إنها مش مضطرة تيجي معايا، هي قررت تفضل وأنا قلت إني هرجع تاني يوم. رحت حجزت في فندق قريب ونمت نوم هادي وحاولت أخلي الموضوع ميأثرش عليا.

النهارده الصبح، كلمت مراتي وسألتها أجي إمتى. قالتلي إن أهلها عايزني أعتذر لأني مشيت بالطريقة دي. قلتلها إني مستعد أعتذر علشان نعدي الموضوع، بس لازم يعترفوا إن اللي عملوه كان غلط وإنه مكنش مناسب يمنعوني أنام جنبك. قالتلي إنها هتكلمهم وترد عليا.

بعد 10 دقايق، ردت عليا وقالتلي إنهم مش بس مش ناويين يعتذروا، دول كمان مصممين إني لازم أرجع وأنام على الكنبة لباقي الزيارة، و لو رفضت يبقي مش مرحب بيا في بيتهم تاني.

في اللحظة دي كنت غضبان جدًا – قلتلها مستحيل اعمل كده، و حتي مش هعتذر لهم بأي شكل.

دلوقتي أخوات مراتي بيزعجوني وبيقولولي إن دي طبيعة أهلهم، وإن مراتي متضايقة جدًا، ولازم أتنازل وأنام على الكنبة لباقي الرحلة عشان الموضوع ما يكبرش وتبقى خناقة عائلية.

من وجهة نظري، مش فارق معايا رأيهم، وأنا مستعد أكمل باقي الرحلة لوحدي، أتفسح وأشوف أماكن، وأقابل مراتي في المطار آخر الأسبوع.

هل أنا غلطان؟

🌹#تحديث

أنا أخدت بنصيحة واحد من اللي علقوا هنا وطلبت من مراتي وأخواتها يقابلوني على العشا بعيد عن أهلهم.

بعد ما قعدنا، بدأت أتكلم معاهم عن اللي حصل. سألت مراتي إذا كانت عارفة إن أبوها هيطلب إننا ننام منفصلين، وقالت إنها اتفاجئت زيي – كانت متوقعة ده لو كنت لسه خطيبها، لكن إحنا دلوقتي متجوزين .

بعدين سألت اخواتها إذا كانوا شايفين إن تصرف والدهم كان مناسب. قالوا إنه مش مناسب، بس هما عارفين طبيعة أبوهم والأفضل إننا نسيب الموضوع يعدي.

ده خلانا ندخل في نقاش محرج شويه عن قد إيه أبوهم بيحب يتحكم في الكل ، وإنه بيتعصب بسرعة لو الأمور مش ماشية على مزاجه، وإنه كان غضبان علشان “عدم احترامي” ليه لما مشيت.

السبب اللي خلاهم كلهم يحاولوا يقنعوني أرجع وأعتذر هو إنهم عارفين إنه هيخلي حياتهم صعبة طول الأسبوع لو ما سمعتش كلامه.

قلت لمراتي إني محبط جدًا منها لأنها ما وقفتش جنبي رغم إنها عارفه ومتأكده أن الحق معايه،.مراتي سكتت.

بعد كده سألتهم لو كانوا شايفين إن الموضوع بجد بخصوص “قوانين البيت”، زي ما إبوهم بيقول ولا الحقيقيه إنها كانت مجرد محاولة من أبوهم إنه يوريني مين اللي مسيطر؟

وافقوا على انها حجه من والدهم علشان يعرفني أن كلمته هو الي هتمشي.

لحد هنا كنت بعمل كل اللي أقدر عليه علشان مش عايز الموضوع يكبر ، لكن بدأت أتعصب بجد من فكرة إنهم كلهم خايفين من رد فعله. فقررت إني لازم أرد شوية.

إنا عارف إن مراتي سافرت هنا أساسًا علشان تقعد مع أخواتها اللي قليل لما بتشوفهم، فقلت لهم كلهم إني هروح أنقل في فندق على البحر في “سان دييجو” على بعد ساعة لباقي الأسبوع وهحجز أوضة تانية لو عايزين ييجوا معايا. هم مش بيطلعوا رحلات كتير، ففكرت إنهم هيكونوا مبسوطين يخرجوا في أجازة مجانية بعيد عن أهلهم. هم عارفين إن أبوهم هيجنن لما يعرف إنهم مشيوا، بس واضح إنهم أدركوا إن الموضوع خرج عن السيطرة، فقرروا ييجوا وهيتعاملوا مع العواقب بعدين.

وده الوضع لحد دلوقتي. أنا على وشك أسيب الفندق وأطلع على سان دييجو. مراتي وأخواتها جايين بعربية تانية بعد ما أهلهم يروحوا الشغل. متوقع تمامًا إن والدهم هيتجنن لما يعرف إنهم مشيوا من غير ما يقولوله، بس بصراحة أنا مش فارق معايا خالص دلوقتي. حاولت أكون الشخص المتفهم في كل خطوة، بس هو ضغط عليا جامد جدًا.

شكرًا تاني لكل اللي قدموا نصايح 🌷

#قصص

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!