“حكايتي مع بنت مراتي”
أنا (راجل 63 سنة) فقدت مراتي (بيث كانت عندها 60 سنة وقتها) من 3 سنين.
كنا مع بعض لمدة 30 سنة. لما اتعرفت على مراتي، كانت أرملة. جوزها الأول توفى في حادث. كان عندها بنت (چين 43 سنة دلوقتي) اللي كان عندها 6 سنين وقت وفاة والدها. لما اتجوزنا أنا ومامتها “چين” كان عندها حوالي 10 سنين.
لما دخلت حياة چين، ماكنتش عارف إزاي أكون أب ليها. اتكلمت مع بيث وقلت لها عن مخاوفي، وهي قالتلي أسيبها هي تصرف مع البنت.
كلمت چين وقلت لها إني عارف إني مش ممكن أعوضها عن والدها ومش بحاول أعمل كده. لكني مستعد أعمل كل “مهام الأب” اللي والدها مش موجود عشان يعملها , لو هي حابة.
كنت بوصلها للتمرينات، أحضر كل عرض ليها، أقعد معاها لحد وقت متأخر عشان أساعدها في الرياضيات، علمتها السواقة، والرماية. وشاركتها حبي للأدب الخيالي.
علاقتنا دايمًا كانت زي الموجه، أوقات كويسة وأوقات لأ. مع إنها كانت بتبان مبسوطة، بس عمرها ما كانت بتناديني “بابا”، ولا حتى “عمو سام”. كنت دايمًا “سام” وبس.
أنا و بيث كان عندنا ابن (توم 32 سنة) وبنت (كريستي 29 سنة). چين عندها علاقة تعتبر كويسة مع إخوتها غير الأشقاء.
بعد ما وُلدت كريستي بسنة تقريبًا، چين بقت مكتئبة وعايشة في حالها. بعد ما اتكلمت مع بيث، عرضت على چين إني أتبناها، لكن چين ما اتقبلتش الموضوع علشان كده اتكلمتش فيه تاني.
كنت أنا اللي بفرض الانضباط في البيت، ومع إن الأولاد ماكنوش بيعملوا مشاكل كتير، بس أكثر من مره عملوا حاجات تستدعي إنهم يتعاقبوا أو يتسحب منهم الامتيازات زي العربية. أعتقد إن چين كانت شايلة مني بسبب ده برضه.
لما چين اتخرجت من المدرسة، كل طالب كان مسموح له تذكرتين لحفلة التخرج. چين اشترت تذكرتين، كنت فاكَر إني هحضر، لكن قبل الحفلة بأسبوع، بيث قالتلي إن چين عايزة تستخدم الكرسي التاني عشان تكرّم والدها.
زعلت، لكن كنت فاهم. هي حطت صوره والدها على الكرسي الفاضي جنب مامتها. أعتقد إن بيث كانت متأثرة برضه.
چين كانت طالبة ممتازة أخدت منح كويسة، وأنا دفعت باقي مصاريفها للجامعة (حمدت ربنا إني حضرت حفل التخرج ده!).
لما چين اتجوزت، أنا وبيث ماقدرناش ندفع كل تكاليف فرحها (دفعنا حوالي النص). هي طلبت من عمها هو اللي يمشي معاها في الممر ويقدمها لعريسها في الفرح (كانت بتقضي أسبوعين كل صيف مع عيلة والدها).
في الفرح بيث مراتي كانت قاعدة جنب كرسي فاضي لتكريم والد چين. و أنا ماكنتش قاعد جنب بيث على ترابيزة العيلة، ومش فاكر حتي كنت قاعد فين لأني قضيت وقتي عند مكان المشروبات أو واقف ورا بيث اللي كانت متأثرة جدًا.
لكن كان فرح جميل، ولما الرقص بدأ والكل قام من أماكنهم، بطلت أفكر في مكاني.
لما چين جابت أول طفل، أنا وبيث كنا في منتهى السعادة. لكن عرفت بعد كده إن مراتي هتبقى “تيته”، وأنا مش هبقى “جدو” لاء أنا هبقي “سام” برضه. أنا “سام” حتي لولادها.
الموضوع ده كان بيأثر عليّ، ولما توم ابني جاب أول طفل ليه، سألني عايز أكون “جدو” أو “سام” لولاده، وكنت سعيد إني أبقى “جدو”.
چين اتطلقت من حوالي 4 سنين، قبل ما مامتها تتشخص بمرض خطير بشوية.
هي وولادها جم عاشوا معانا , وقتها وقفنا جنبها وساعدناها في تكاليف المحامي لحد ما الموضوع انتهى.
في السنة الأخيرة لبيث، چين كانت معانا طول الوقت. ساعدت مامتها وكانت بتراعيها كويس معايه.
بعد ما بيث توفت، كنت مدمر وماليش أي نفع. چين اتولت هي تنظيم الجنازة. أنا ممتن جدًا للمساعدة اللي قدمتها.
چين جهزت الجنازة، و نظمت كل حاجة عشان مامتها تتدفن جنب والدها “جوزها الأول”.
كنت مصدوم، وحسيت إن الموضوع ده حصل من ورا ضهري. مراتي عمرها ما قالتلي حاجة عن ده، لكن چين أكدتلي إن ده اللي مامتها كانت عايزاه.
في الجنازة، چين كانت متأثرة جدًا. قالت للناس إنها بقت يتيمة وإنها وولادها معندهمش عيلة قريبة.
الكلام ده ضايق توم وكريستي جدًا، لكن حاولت أشرح لهم إن الموضوع مختلف بالنسبة لچين.
اتكلمت مع چين في الجنازة وقلت لها إنها عندها عيلة لو حبت تكون جزء منها. شكرتني وكانت لطيفة.
ما اتكلمتش مع چين بجد بعد الجنازة.
في السنة الأولى، كنت بدعيها لكل التجمعات العائلية زي زمان، حتى لو توم وكريستي كانوا زعلانين منها. كنت بسيب لها رسائل صوتية بسألها عن حالها وحال ولادها.
لكن في السنتين اللي فاتوا، بطلت اطلب منها تيجي لأن چين عمرها ما ردت علي الرسايل.
لسة ببعت لها ولولادها هدايا في أعياد ميلادهم وفي الكريسماس. لكن ما بقيتش أبادر بالتواصل. في آخر رسالة صوتية سبتها، قلت لها أنا موجود علشانك في أي وقت لو احتجتي أي حاجه أتصلي بس وانا هساعدك علي طول.
ومع كل المعلومات دي، هنا النقطة اللي ممكن أكون فيها أنا الشخص السيئ……
بنتي كريستي هتتجوز السنة الجاية. قررت تتواصل مع چين في الشهور اللي فاتت، وحاولت تحسن العلاقة معاها. بنتي عرفت أن طليق چين عايش في ولاية تانية وولادها مش هيكونوا موجودين معاها في العيد.
چين قالت لكريستي إنها حاسة بالوحدة.
كريستي كلمتني وطلبت مني اطلب من چين تقضي معانا العيد.
كريستي وخطيبها هيكونوا موجودين، وتوم وعيلته برضه.
قلت لكريستي إن چين عارفة إنها دايمًا مدعوة.
كريستي بتقول إن چين مش هتيجي لو ما اتصلتش ودعيتها.
قلت لكريستي إنها ممكن تدعيها، أو ممكن تقولها تتصل هي بيا.
كريستي بتقولي إني غلطان عشان مش عايز اتصل بچين.
اتكلمت مع ابني توم، وقال إنه تعب من إننا دايمًا بنحاول نقنع چين تكون جزء من العيلة.
أنا بحب چين، هي بنتي، لكن بعد كل ده، حاسس إن الطريقة الوحيدة اللي هتنجح أنها تبدأ هي بالخطوة الأولى.
فهل أنا غلطان عشان رفضت الاتصال بچين عشان أعزمها على الكريسماس؟
🌹#تحديث
أغلب الناس قالوا إنه لازم چين تتحمل نتائج تصرفاتها.
هل چين تستحق تقضي الكريسماس لوحدها؟يمكن، لكن أنا مش عايز بنتي تكون حزينة أو وحيدة وأنا أقدر أعمل حاجة عشانها.
اتصلت بيها. المكالمه اتحولت علي البريد الصوتي. سبتلها رسالة إني مش عارف خططها إيه، لكن هي دايمًا مرحب بيها في بيتنا. فكرت إنه كده يبقى أنا عملت اللي عليا وأقدر أقول لكريستي إني حاولت.
السبت اللي بعده، جين اتصلت بيا وكانت مكتئبة جدًا. قالتلي نفس الكلام اللي سمعته من كريستي، ولادها هيكونوا في ولاية تانية مع باباهم في الكريسماس ورأس السنة، وإنها حاسة بالوحدة.
قلتلها إنها دايمًا مرحب بيها تقضي الكريسماس مع أخوها وأختها ومعايا. وقالت إن ده هيكون جميل، وإنها تحب تيجي.
چين وكريستي وخطيبها قضوا ليله الكريسماس معايا، وكان الجو جميل جدًا. چين كانت لطيفة جدًا مع الكل.
(الناس هنا هاجمتها، يمكن كلامي مكنش عادل ناحيتها، الحقيقه أن چين شخصيه لطيفه وطيبه)
كانت متوترة في الأول، لكن مع مرور الوقت بقيت مرتاحة أكتر.
شغلت”مسرحية الكريسماس زي ما كنت بعمل لهم وهما صغيرين.
الوقت كان ضيق بس جبت شوية حلويات وكتاب وكذا كارت هدايا لجين وكريستي وخطيبها.
في يوم الكريسماس الصبح كانوا متفاجئين بالهدايا فرحوا بيها وقولتلهم مش أنا اللي جيبتها ده سانتا 😅
توم وعيلته جم في يوم الكريسماس. چين عارفة أكتر مني إيه اهتمامات اولاد توم “لأنها نشيطة جدًا على فيسبوك”.
هدايا چين للكل كانت مدروسة وذكيه، ولاد توم بيحبوا عمتهم جدًا (رغم إنهم سألوا عن ولادها وده ضايق چين شوية).
چين وكريستي جهزوا عشاء الكريسماس، الضحك اللي كان بينهم فكرني بزمان لما كريستي كانت طفلة و چين لسه راجعة من الكلية والحاجات اللي كانوا بيعملوها مع بعض والذكريات الحلوه اللي كانت بينا زمان .
رجعت بذاكرتي لمراتي بيث، واضطريت أسرح و أقعد مع نفسي شوية.
توم دخلي مكتبي، وقاللي إنه سمع من چين إني اتصلت بيها، وقال إنه كان سعيد إني عملت كده.
بعد ما العيلة مشيت، چين قالتلي إنها عايزة تتكلم معايا. حكيت معايا وقلنا حاجات مهمة.
چين قالت إنها ممتنة جدًا لدعوتها في الكريسماس معانا.
حكتلي إنها لما بدأت تخرج مع أشخاص بعد طلاقها، وبسبب سنها، قابلت رجالة كتير عندهم أولاد كبار زي ولادها. كتير منهم مكنوش شايفين فكرة دمج العائلات اللي فيها أولاد كبار فكرة حلوة (هما عايزينها من غير الاولاد ومش قابلين فكره أنهم يكونوا أباء لاولادها)
واضح إنهم كانوا متوقعين إن أولادها هيخرجوا من البيت قريب، وعايزينها هي اللي تربي أولادهم بدل من أولادها.
چين ولادها تقريبًا معاها طول الوقت. جزء كبير من أسباب طلاقها إن جوزها شايف إن شغله أهم من حياة ولادهم. هي كانت عايزة تعلم اولادها-خصوصًا ابنها الولد- إن العيلة أهم من أي حاجه.
بعد كده حصل بينها وبين جوزها مشادة، وقالتله “إيه الصعب في إنك تبقى أب كويس، جوز أمي كان قادر يعمل كده.”
جوزها “طليقها حاليا” رد عليها وقال لها “جوز أمك!!! قصدك علي الشخص اللي بتعامليه وحش إنتي وولادك كمان.”!!!
من هنا، بدأت تفكر في علاقتنا وكل اللي حصل بينا. اعترفت إنها حسّة بالذنب ومش عارفة تصلح حاجة.
سألتني لو نقدر نبني علاقة زي علاقتي بتوم وكريستي؟
قلتلها إحنا منقدرش نغير الماضي، لكن أنا مستعد دايمًا أكون الأب اللي هي عايزاه. وإن بالنسبة لي، مفيش حاجة اتغيرت من يوم ما قلتلها في الجنينه وهي طفلة إني مستعد أعمل عشانها كل حاجة كأن والدها موجود بالظبط.
أنا دايمًا هبقى الأب اللي هي عايزاه.
جين بدأت تعيط في اللحظة دي، حضنتها. بدأت تبكي بشدة وتقول إنها آسفة. قلتلها كل حاجة هتبقي تمام. وسط البكاء، سمعت حاجة كنت مستنيها من زمان. بدل “آسفة” بقت “بابا” ❤ أنا آسفة جدًا، أنا آسفة جدًا.”
بصراحة، اعتذار واحد وشوية عياط مش هيغيروا الشخص. تاني يوم الصبح رجعت أكون “سام” زي ما أنا 😂 بس كان في كام مرة سمعت فيها “بابا” وحتى مرة “بابي”. هنشوف بقى.
فيه حاجات تانية أتوقع الناس تحب تعرفها. إحنا اتكلمنا عن جنازة مامتها. هي قالت إنها مكنتش تقصد تعمل حاجة في السر. بس هي عملت كده علشان توفر في التكاليف وقتها.
وآخر حاجة، ابنها الصغير كان زعلان وقت الجنازة علشان ابن توم الكبير كان بيناديني “جدو” طول الوقت، وفكر إن ده معناه إني بحب ابن توم أكتر منه. ده كان من سنين فاتت، بس هي قالت إنها هتتكلم في موضوع “جدو سام” مع ولادها. قولتلها إني هكون مبسوط بكده.
چين عمرها ما حاولت تقول إن عمها أو أي حد من عيلة والدها هما السبب في اللي حصل أو في تصرفاتها. مفيش تأثير شرير من بره. هي كانت بس مجرد بنت خايفة , و نفسها دلوقتي لو كانت اتصرفت زمان بطريقة مختلفة.
أنا عارف إن ناس كتير قالوا إنها مش هتتغير. وعارف إن التغيير صعب قوي. يمكن بعد الأجازات الدنيا ترجع زي ما كانت. بس حتى لو ده اللي هيحصل، على الأقل كان عندي يوم كريسماس واحد جين كانت عايزاني أكون باباها ❤
(القصة حقيقية, اصحاب القصة أجانب)
#قصص